alqies_logo260.png

نقاش حول النشر العلمي والجامعي

جامعيون يفتحون النقاش حول النشر العلمي والجامعي في ندوة الخبر

الباحثون الجادَون أصيبوا بالإحباط وفقدوا الرغبة في النشر 

أرجع باحثون أكاديميون شح التأليف والنشر بالجامعة الجزائرية، إلى عدد من الأسباب، قال بعضهم أنه لا يمكن تحليلها بمعزل عن النظام الجامعي ككل، وما يدور بين اللجان العلمية التي لم تؤد دورها في تجميع رصيد الملتقيات ونشره رغم الميزانية الضخمة التي خصصتها الوزارة، وكذا تحويل العطل العلمية والتربصات والرسكلة إلى وجهة غير مقررة من الوصاية لإنتاج مشاركات مثمرة على الصعيد العلمي والإفادة من نشر دراسات، وهو ما أفرغ الجامعة من محتواها وحوّلها من فضاء للعلم إلى فضاء لأداء وظيفة. 

الأستاذ سليمان رحال
 الباحث يعاني حالة إحباط لقناعته بعدم القدرة على إحداث التغيير 

يرى المتدخلون في ندوة “الخبر” إن كل ما سبق ذكره، جعل الباحث رغم ما يتمتع به من كفاءة يفقد الرغبة في التأليف والنشر لقناعته باستحالة إحداث “التغيير” المقرون بالتعليم، ووصفوا ما ينشر من قبل بعض الأساتذة من دراسات بـ”المهزلة”، بسبب عدم اللجوء للتحكيم، وتساءلوا عن دور
 ديوان المطبوعات الجامعية مع تحول النشر إلى تجارة، وهو أمر غير وارد في  دور النشر الأجنبية التي تحترم القارئ. 

 قال البروفيسور سليمان رحال، أن إشكالية التأليف والنشر لا يمكن تحليلها بمعزل عن النظام الجامعي بما ينطوي عليه من طرق التدريس والترقية وغيرها، وعدَد جملة من الأسباب التنظيمية التي تعيق النشر في الوسط الجامعي، وما يرتبط بها من ممارسات أثّرت على قيمة النشر، وركَّز الدكتور رحال في شكل مقارنة بين التنظيم والمشاركة في الملتقيات في وقت سابق وحاليا، حيث كانت تتسم بإشكاليات مضبوطة ومحاور متناغمة مع الموضوع، والأهم أن اهتمامات الأستاذ كانت علمية محضة من حيث الوقت الطويل للبحث والتحضير له، وكانت الدعوات توجه لأهل الاختصاص.
واعتبر الأستاذ رحال، أن نقطة التغيير مرتبطة بظهور التربصات ومنح الرسلكة التي تحولت لمصدر للترقية، مع تغييب الجانب العلمي، من خلال توزيع دعوات على أساس علاقات شخصية، ولذلك تبقى إشكالية النشر مرتبطة بكون الملتقيات التي راهن عليها الأساتذة لم تسمح لهم بجمع أعمالهم كاملة قبل الملتقى، بل في شكل ملخصات لا تستوفي الشروط، ومن ثمة لا تنشر رغم أن هذه الخطوة تعتبر أساس تعزيز عنصر النشر في الوسط الجامعي.
وتحدث البروفيسور رحال، عن حالة من التواطؤ من قبل اللجان العلمية، وعن عدم استشارة الأساتذة في الأعمال، وهو ما أفقد الملتقيات قيمتها العلمية، زيادة على أن الإشكاليات غير منبثقة عن فرق بحث أو مخابر، بل في شكل مبادرات فردية، مع بقاء التوصيات بعيدة عن واقع الجامعة ولا تستغل نتائجها، حيث ذكر أنه سبق له وأن طالب باستغلال النتائج المنبثقة عن الملتقيات وتخصيص ورشات لدراستها تدرج في برامج التكوين، بدلا من نهب الميزانية الضخمة للوزارة المخصصة للعطل العلمية والتربصات والرسكلة، حيث لا يوجد حسبه استغلال لهذا المورد في إنتاج مشاركات مثمرة علميا والإفادة منها في نشر دراسات. وقال فيما يخص الأسباب التي دفعته لإصدار كتابه الأول الذي هو تحت الطبع حول الاتصال والتسويق، أنه عبارة عن خلاصة عمله بالتدريس لثمانية عشرة سنة، ويعتبرها الطريقة المثلى للمساعدة على النشر بالاستثمار في خلاصة المحاضرات والخروج بها في شكل مطبوع. 
الفضاء الجامعي تغيب عنه قيمتا العمل والاستحقاق 
ربط البروفيسور رحال، قلة النشر، بمحدودية الوقت المخصص للقراءة والكتابة عند الطلبة والباحثين عموما، وهو وقت ظرفي متصل بفترة الامتحانات عادة، وهذا ما لا يساعد على تهذيب الأسلوب، ولم تعد الجامعة فضاء للعلم بقدر تحولها لأداء وظيفة. وبالمقابل –يضيف- هناك من يمتلكون كفاءات لكنهم لا يكتبون، وذلك راجع إلى “التغيير” الذي ينشدونه وهو سمة “التعليم”، حيث قال أن إصدار الأفكار والتصورات وتقاسمها مع الآخرين تبقى دون جدوى إذا لم تنفّذ، ولذلك يحجم الأساتذة عن فعل الكتابة، وهذا ينم عن قصر نظر وعن نظرة سلبية تكرّست داخل الوسط الجامعي الذي كان يفترض أن يكون “الإقليم” المحفز على الكتابة.
ويرى البروفيسور رحال أن الفضاء الجامعي لا يتوفر على قيمتين أساسيتين هما العمل والاستحقاق، ولو توفر ذلك لمكن من إنتاج علمي حقيقي، وهذا ما أكده تشخيص الغرب للجامعة الجزائرية، بكونها لم تقم بالتكوين العالي المنتظر، مع غياب الفكر المؤسساتي والمبادرات الفردية التي تصبح في النهاية مشروع مؤسسة الذي تفتقده، والذي يفترض التوجه للحوارات اللاإقصائية في ظل غياب المنافسة وغياب مفهوم الذكاء وعدم الاندماج في شبكات البحث العالمية، حيث مشكل الجامعة هو في “الرؤية” التي جعلتها بعيدة في الترتيب عالميا، مع غياب المعاينات وطرق التسيير وهذا يحتاج لمرجعية، والأهم، حسبه، هو ممارسة اليقظة العلمية من طرف الأستاذ لمعرفة قيمة ما يدرس، وهو ما يتطلب أدوات منظمة لمعرفة الإشكاليات والأطروحات وقيمة الإنتاج العلمي.
الجامعة تبقى بعيدة عن سوق العمل
اعتبر البروفيسور رحال أن عوائق النشر تبرز أيضا من حالة “اللااستقرار” التي واكبت تطبيق النظام الجديد “أل.أم.دي”، والذي لم يسر وفقا للصيغ التنظيمية الجديدة، وهذا ما جعل الأستاذ لا يأخذ الوقت الكافي في التحضير ومن ثمة لا يستحق النشر، والمشكل يكمن أيضا في تقاسم المعلومة، النشر وفي الحوار العلمي داخل اللجان والتي عادة لا تناقش قضايا علمية، وهو ما جعل الجامعة بعيدة عن تبني نقاش بناء وفقا لتدابير الوزارة خاصة مع التطور التقني وتغيير طرق التدريس ومناهجه، ومع حرص ديوان المطبوعات الجامعية للنظر للقيمة العلمية للمادة، وهذه “سمعة” تراجعت مع صعود المؤسسات الخاصة التي لا تهتم للقيمة العلمية بقدر الربح. 
وتساءل الأستاذ بأسف “لمن تكتب زبورك يا داوود”؟، ورأى أن الاستثمار الحقيقي للأستاذ هو في الطلبة الذين يكوّنهم. وقال أن حصيلة مشاريع البحث التي تبقى حبيسة الأدراج تصيب الباحثين بالإحباط، حيث الجامعة تبقى بعيدة عن سوق العمل، ولم تتبن مقاربة “تسويقية” للتعرف على الطلب الحقيقي، وتصمم عروض تكوين كمية، ولم تستطع بناء علاقات مثمرة مع القطاعات المستخدمة في مفهوم “الحاكمية” والأطراف المتدخلة في إعداد مشاريع التكوين لتتوافق وأهداف نظام التعليم الجديد، القائم على استقلالية في عروض التكوين، ولم يتم استغلالها مع الشركاء، وكذا بقاء التكوين المهني الاحترافي محدود جدا.

الأستاذ رشيد شعلال
ميزانية التسيير أكبر من النشر 
 قال رشيد شعلال، مدير النشر بجامعة ڤالمة وأستاذ اللسانيات، إن الإشكالية المطروحة على هيئة النشر تتعلق باصطياد زبون “قارئ ومنتج” في آن يساهم في الكتابة ويقرأ، وسمعة الجامعة تنعكس من خلال نوعية إصداراتها. وأضاف أن “همّ” التدوين يسايرني منذ السبعينيات، خاصة مع رجاحة النشر بالجامعات العربية مقارنة بالجزائر، وقال إن المجتمع الجزائري “شفوي” غير مدوّن، في حين تأصّلت ثقافة النشر لدى المشارقة. وقال “مع ذلك نحن من رفعنا شأن دور نشرهم بسبب غياب منابر للنشر فنضطر اللجوء إليهم، إضافة إلى هيمنة الإداري على العلمي، من خلال تخصيص ميزانية كبيرة للتسيير على حساب النشر وتسجيل فراغ قانوني في هذا الجانبّ. وكشف رشيد شعلال عن مشروع جديد تحضّر له الجامعة يتعلق بتجميع خلاصة الملتقيات ونشر أعمالها بعد إخضاعها للتحكيم بهدف نوعي، حيث تتوفر حسبه الجامعة على رصيد معتبر ومتنوع، رغم حداثة عدد من كلياتها خاصة اللغات والعلوم الإنسانية، وحتى مراسلات من خارج الجزائر، وقال أن هناك طريقتان للنشر عن طريق مجلة الجامعة، أو في أعداد خاصة بالملتقى، وهذا للمساهمة في إثراء المكتبة الجزائرية، وأيضا في تشكيل هوية المجتمع، واعتبر ما أنتج من الجامعة في هذا الإطار يؤدي دور الأستاذ المساعد للطلبة والباحثين.     


الأستاذ نور الدين بومهرة 
لست مستعجلا للنشر وقناعتي تقديم عمل “نوعي” 

 قال الأستاذ نور الدين بومهرة، أنه خصص للجانب البحثي عديد المقالات والمشاركة وتنشيط ملتقيات وطنية ودولية، والإفادة منها خاصة الخارجية التي تتيح اكتساب الخبرة، كون الملتقى هو مصدر تكوين رأس مال علائقي، ونشر مقالات في إصدارات أجنبية. وأضاف الأستاذ بومهرة الذي شغل عدة وظائف بالجامعة، بين رئيس قسم وعميد كلية العلوم الاجتماعية والإنسانية، وحاليا يرأس المجلس العلمي للكلية، وهو أحد أقدم الأساتذة بجامعة ڤالمة، قائلا “لم أندم على ما مضى”، فالأهم بالنسبة له هو إرساء تقاليد وقانون وقيم، وكان الثمن أن فترة خمس سنوات مضت في تسيير مشاكل “تافهة” غير بيداغوجية. وفيما يخص النّشر- أضاف- “لدي قناعة ولست مستعجلا، فهناك الكثير من الإصدارات وبشكل دوري للأساتذة والباحثين في جامعات جزائرية، ولكن قناعتي الاشتغال على محور معين لتقديم عمل نوعي”، معقبا “أفضل مع ذلك كتابة ونشر المقالات العلمية، فهي أهم بكثير من تأليف الكتب، ولأنها في النهاية بعد تجميعها تشكل رصيدا معرفيا ثمينا في شكل كتاب”. ويعيب الأستاذ بومهرة تسرع الباحثين في النشر وتقديم دراسات تتضمن الكثير من الأخطاء وتحول إلى كتب تسوّق، واصفا الوضع بـ”مهزلة”. واعترف الأستاذ بومهرة أن نسبة كبيرة من الكتب التي تنشر لا تنظر فيها اللجان العلمية، للتأكد من دقتها وصلاحيتها للنشر، وهو ما يفسر غزارة النشر الذي حول العملية إلى تجارة، وهذا أمر غير وارد في  دور النشر الأجنبية التي تحترم القارئ، حيث يستحيل تسويق منتجات من هذه النوعية، ولذلك فقمة اعتزازي يقول “أنني لم أفكر في توظيف مشاركاتي لأغراض ضيقة، ولذلك فاهتمامي بالجانب البحثي الذي أرى أنني مقصّر فيه، رغم ما يتوفر لدي من مراجع واستعداد”. ويؤمن الأستاذ بأن مهمة الأستاذ الأساسية هي خدمة الطلبة، وما تبقى من الوقت يخصصه في مرتبة ثانية للبحث، وهذا ما جعله يفكر في مشروع إنجاز كتاب على مراحل، وهو خلاصة مقالات جمعها ونشرت في ثلة من المجلات الجامعية العربية الممتازة، حيث يفتخر كون عمله نشر مع منظّر الاقتصاد سمير أمين. 


الدكتور حسن تليلاني
 لم أستفد يوما من دعم ديوان المطبوعات الجامعية
 قال الدكتور حسن تليلاني، قمت بنشر أربعة عشر كتابا تنوّع بين النقد، الإعلام، المسرح، الترجمة وأدب الأطفال، وهناك مخطوطات تنتظر النشر، وبعض هذه الكتب يشكل خلاصة دراساتي الجامعية وبحوثي التي قدمتها في ملتقيات، وتتسم الأخرى بطبيعة إبداعية مثل المسرحيات وسير العظماء والشهداء، وكتب صدرت بمناسبة تظاهرة الجزائر عاصمة الثقافة العربية و”مختارات من المسرح الجزائري الجديد”، إضافة إلى نشر بعض بحوثي ودراساتي الجامعية، منها رسالة الماجستير بعنوان “المسرح الجزائري والثورة التحريرية”، وفصولا من رسالة الدكتوراه حول موضوع “توظيف التراث في المسرح الجزائري”، ومع ذلك –يضيف- لم أستفد من رعاية ودعم الديوان، وهو ما يطرح التساؤل حول دور الديوان في تجميع المادة وكل مخطوط.
El Kabar le 23 02 2014
- See more at: http://www.elkhabar.com/ar/culture/387998.html#sthash.DICoEz1S.dpuf

Catégorie : Publications - Presse
Page lue 3438 fois